سورة الأنعام - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض} خالقهما ابتداءً {وهو يطعم ولا يطعم} يَرزق ولا يُرزق.


{من يصرف عنه} أَي: العذاب {يومئذ} يوم القيامة {فقد رحمه} فقد أوجب الله له الرَّحمة لا محالة.
{وإن يمسسك الله بضر...} الآية. أيْ: إنْ جعل الضُّرَّ وهو المرض والفقر يمسُّك.
{وهو القاهر} القادر الذي لا يعجزه شيء {فوق عباده} أَيْ: إنَّ قهره قد استعلى عليهم، فهم تحت التَّسخير.
{قل أي شيء أكبر شهادة} قال أهل مكة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: ائتنا بمَنْ يشهد لك بالنُّبوَّة، فإنَّ أهل الكتاب ينكرونك، فنزلت هذه الآية، أمر الله تعالى محمداً عليه السَّلام أن يسألهم، ثمَّ أمر أن يخبرهم فيقول: {الله شهيد بيني وبينكم} أَي: الله الذي اعترفتم بأنَّه خالق السَّموات والأرض، والظُّلمات والنُّور يشهد لي بالنُّبوَّة بإقامة البراهين، وإنزال القرآن عليَّ. {وأوحي إلي هذا القرآن} المُعجز بلفظه ونظمه وأخباره، عمَّا كان ويكون {لأنذركم} لأخوِّفكم {به} عقاب الله على الكفر {ومَنْ بلغ} يعني: ومَنْ بلغه القرآن من بعدكم، فكلُّ مَنْ بلغه القرآن فكأنَّما رأى محمداً عليه السَّلام. قل: {أإنكم لتشهدون أنَّ مع الله آلهة أخرى} استفهام معناه الجحد والإِنكار {قل لا أشهد...} الآية.
{الذين آتيناهم الكتاب} مفسَّرة في سورة البقرة.
{ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً} أَيْ: لا أحد أظلم ممَّن اختلق على الله كذباً. يعني: الذين ذكرهم في قوله: {وإذا فعلوا فاحشة...} الآية. {أو كذَّب بآياته} بالقرآن وبمحمد عليه السَّلام {إنَّه لا يفلح الظالمون} لا يسعد مَنْ جحد ربوبيَّة ربِّه، وكذَّب رسله، وهم الذين ظلموا أنفسهم بإهلاكها بالعذاب.
{ويوم} واذكروا يوم {نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم} أصنامكم وآلهتكم {الذين كنتم تزعمون} أنَّها تشفع لكم، وهذا سؤال توبيخ.
{ثم لم تكن فتنتهم} أَيْ: لم تكن عاقبة افتتانهم بالأوثان وحبِّهم لها {إلاَّ أن} تبرَّؤوا منها ف {قالوا والله ربنا ما كنا مشركين}.
{انظر} يا محمد {كيف كذبوا على أنفسهم} بجحد شركهم في الآخرة {وضلَّ} وكيف ضلَّ ذلك: زال وبطل {عنهم ما كانوا يفترون} بعبادته من الأصنام.


{ومنهم} ومن الكفَّار {من يستمع إليك} إذا قرأت القرآن {وجعلنا على قلوبهم أكنَّة} أغطيةً {أن يفقهوهُ} لئلا يفهموه، ولا يعلموا الحقَّ {وفي آذانهم وقراً} ثِقلاً وصمماً، فلا يعون منه شيئاً، ولا ينتفعون به {وإن يروا كلَّ آية} علامةٍ تدلُّ على صدقك {لا يؤمنوا بها} هذا حالهم في البعد عن الإِيمان {حتى إذا جاؤوك يجادلونك} مخاصمين معك في الدِّين {يقول الذين كفروا} مَنْ كفر منهم: {إن هذا} ما هذا {إلاَّ أساطير الأوَّلين} أحاديث الأمم المتقدمة التي كانوا يسطرونها في كتبهم.
{وهم ينهون} النَّاس عن اتَّباع محمد {وينأون} ويتباعدون {عنه} فلا يؤمنون به {وإنْ} وما {يهلكون إلاَّ أنفسهم} بتماديهم في معصية الله تعالى {وما يشعرون} وما يعلمون ذلك.
{ولو ترى} يا محمد {إذ وقفوا على النار} أَيْ: حُبسوا على الصِّراط فوق النَّار، {فقالوا يا ليتنا نرد} تمنَّوا أن يردُّوا إلى الدُّنيا فيؤمنوا، وهو قوله: {ولا نكذب} أَيْ: ونحن لا نكذِّب {بآيات ربنا} بعد المعاينة {ونكون من المؤمنين} ضمنوا أنْ لا يُكذِّبوا ويؤمنوا، فقال الله تعالى: {بل} ليس الأمر على ما تمنَّوا في الردِّ {بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} وهو أنَّهم أنكروا شركهم، فأنطق الله سبحانه جوارحهم حتى شهدت عليهم بالكفر، والمعنى: ظهرت فضيحتهم في الآخرة، وتهتكت أستارهم {ولو ردوا لعادوا لما نهوا} إلى ما نُهوا {عنه} من الشِّرك، للقضاء السَّابق فيهم بذلك، وأنَّهم خلقوا للشَّقاوة {وإنهم لكاذبون} في قولهم: {ولا نكذِّب بآيات ربنا}.
{وقالوا} يعني: الكفار: {إن هي إلاَّ حياتنا الدنيا...} الآية. أنكروا البعث.
{ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} عرفوا ربَّهم ضرورة. وقيل: وقفوا على مسألة ربِّهم وتوبيخه إيَّاهم، ويؤكِّد هذا قوله: {أليس هذا بالحق} أَيْ: هذا البعث، فيقرُّون حين لا ينفعهم ذلك، ويقولون: {بلى وربنا} فيقول الله تعالى: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} بكفركم.
{قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله} بالبعث والمصير إلى الله {حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة} فجأة {قالوا يا حسرتنا على ما فرَّطنا فيها} قصَّرنا وضيَّعنا عمل الآخرة في الدُّنيا {وهم يحملون أوزارهم} أثقالهم وآثامهم {على ظهورهم} وذلك أنَّ الكافر إذا خرج من قبره استقبله عمله أقبح شيءٍ صورةً، وأخبثه ريحاً، فيقول: أنا عملك السَّيِّئ طال ما ركبتني في الدُّنيا، فأنا أركبك اليوم. {ألا ساء ما يزرون} بئس الحمل ما حملوا.
{وما الحياة الدنيا إلاَّ لعبٌ ولهو} لأنَّها تفنى وتنقضي كاللَّهو واللَّعب، تكون لذَّةً فانيةً عن قريبٍ {وللدار الآخرة} الجنَّة {خير للذين يتقون} الشِّرك {أفلا تعقلون} أنَّها كذلك، فلا تَفْتُروا في العمل لها، ثمَّ عزَّى نبيَّه صلى الله عليه وسلم على تكذيب قريش إيَّاه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8